الـصـفــحــة الــرئـيــسـيــة > مــع حــيــاتــنــا و الآخــرة > نصيحة لمن ابتلي بسرعة الغضب
«الموضوع التالي | الموضوع السابق»

نصيحة لمن ابتلي بسرعة الغضب

 


يكفيكَ نصيحة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: { لا تغضب }..
دخل رجلٌ على النبي فقال: أوصني! قال: { لا تغضب } فردد مراراً قال: { لا تغضب } [رواه البخاري] .


وتذكر يا أخي.. أن الله عز وجل مدح المؤمنين بصفات كثيرة منها قوله تعالى: { الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران:134] فهذه ثلاث صفات عظيمة أولها: كظم الغيظ وإيقافه، والثانية: العفو والصفح مع المقدرة والتمكن، والثالثة وهي أعلاها مرتبة: الإحسان إلى الناس مقابل إساءتهم.


وتذكر قوله –صلى الله عليه وسلم-: { ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب } [متفق عليه]. وقوله : { وإن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله } [متفق عليه]
ومَنْ أولى الناس بالرفق من زوجك وأبنائك وإخوانك المسلمين؟!


وإليك هذا العلاج الناجع –بإذن الله- إن توكلت على الله..


أولاً: تتبع وصية النبي في ذلك الأمر، فقد جاءه رجلٌ وقال: أوصني. قال : { لا تغضب }، فردد مراراً وقال: { لا تغضب }.[رواه البخاري] وإيقاف الغضب ودواعيه قبل بدايته، خير من التمادي فيه ومحاولة إصلاح نتائجه الوخيمة .


ثانيا: معرفة فضل الله عز وجل لمن تجرع الغضب وكتمه، قال صلى الله عليه وسلم : { ما تجرع عبد جرعة أفضل عند الله من جرعة غيظ يكظمها ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى } [رواه ابن ماجه] .


ثالثاً: معرفة أن الغضب من الشيطان، قال صلى الله عليه وسلم : { إن الغضب من الشيطان... } والشيطان يورد الإنسان موارد الهلاك .


رابعاً: الطمع فيما أعد الله عز وجل لمن كتم غيظه، قال
صلى الله عليه وسلم : { من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما يشاء }[رواه ابو داود] .


خامساً: الالتزام بالهدي النبوي، ومن ذلك تغير الهيئة التي عليها الغضبان وليلصق بالأرض، فذلك أدعى لإذلال النفس وطرح الكبر، قال صلى الله عليه وسلم : { ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم، أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه، فمن أحس بشيء فليلصق بالأرض } [رواه أحمد] .


سادساً: الوضوء، امتثالاً لقول الرسول
صلى الله عليه وسلم : { إن الغضب من الشيطان، خُلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ } [رواه أبو داود] .


سابعاً: السكوت حال الغضب وحبس اللسان وإلجامه، قال
صلى الله عليه وسلم : {علموا وبشروا ولا تعسروا، وإذا غضبت فاسكت، وإذا غضبت فاسكت، وإذا غضبت فاسكت } [رواه أحمد] .


ثامناً: التعوذ من الشيطان الرجيم فهو رأس البلاء، قال تعالى: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأعراف:200] وعن سلمان ابن صرد قال: ( استب رجلان عند النبي فجعل أحدهما تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه، قال رسول الله : { إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. } [رواه مسلم] .


تاسعاً: ذكر الله في كل موطن خاصة عند حالات الغضب، إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُون [الأعراف:201] .


عاشراً: أنت في حالة كتم الغيظ في مراتب أعلى من غيرك، وقد مر حديث الشديد الذي يكتم الغضب وكذلك أمر الله تعالى: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } [الأعراف:199] . وقوله تعالى: { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [الشورى:43] .


الحادي عشر: إنك في حالة الغضب قد تظلم وتتعدى فتأثم، قال
صلى الله عليه وسلم : { كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه } [ رواه مسلم] .


الثاني عشر: التقرب إلى الله عز وجل بحسن الخلق مع المؤمنين والتجاوز عن مسيئهم، قال
صلى الله عليه وسلم : { إن المؤمن ليُدرك بحُسن خلقه درجة الصائم القائم } [ رواه ابوداود].
وقال
صلى الله عليه وسلم : { ألا أخبركم بمن يحرُمُ على النار؟ - أو بمن تحرم عليه النار؟ - تحرم على كل قريب هينٍ لينٍ سهل } [ رواه الترمذي] .


الثالث عشر: معرفة نتائج الغضب وعواقبه ! وكيف أودى ريال بحياة رجلين، وكيف أدت كلمة في ساعة هيجان إلى فراق الزوجة، وحرمان الأبناء، وتضييع الحقوق، والاعتداء على الضعفاء والإخوان . عن ابن مسعود قال: ( لما كان يوم حنين آثر الرسول الله ناساً في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائه من الإبل، وأعطى عُينيةُ بن حصن مثل ذلك، وأعطى ناساً من أشرف العرب وآثرهم يومئذ في القسم. فقال رجل: والله إن هذه قسمة ما عدل فيها، وما أريد فيها وجه الله، فقلت: والله لأخبرن رسول الله فأتيته فأخبرته بما قال، فتغير وجهه حتى كان كالصيرف ( صبغ أحمر ) ثم قال: { فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله }، ثم قال: { يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر }، فقلت: لا جرم لا أرفع إليه بعدها حديثاً ) [ رواه البخاري ] .

 

واعلم أخي المسلم:


ما كان من قبل فهو من الغضب المذموم شرعاً وعقلاً، أما الغضب المحمود والمطلوب فهو ما كان لله وفي الله، إذا انتهكت محارم الله كما كان النبي يغضب وذلك كثير في حياته عليه الصلاة والسلام، قالت عائشة رضي الله عنها: ( ما ضرب رسول الله شيئاً قط بيده، ولا امرأة ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله. وما نيل منه شيىء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى، فينتقم لله تعالى ) [ رواه مسلم ] .

 

 

جعلك الله ممن يغضب لحدود الله إذا انتهكت، وأنزل عليه السكينة في أمور الدنيا التي تغضب لها لأتفه الأسباب وأقل الأمور . ورزقك كلمة الحق في الغضب والرضا .


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 




الملف الإسلامي 2010-2023
isfi.info